“النهار” في منتدى الحوكمة العالمية في مونترو النزوح عزّز الإرهاب والمصارف المركزية في المواجهة

25.11.15

An Nahar 2

الدورة الثامنة لمنتدى الحوكمة العالمية.
 
 

صحيح ان الهواجس الغربية حيال موضوع الارهاب وسبل مواجهته طغت بشكل كبير على أعمال منتدى الحوكمة العالمية الذي نظمه مؤتمر السياسة الدولية ” World Policy Conference” مدى ثلاثة أيام على ضفاف بحيرة ليمان في مدينة مونترو السويسرية، لكنها لم تلغ اهتمام المؤتمرين الذين تجاوز عددهم ٤٠٠ شخصية سياسية واقتصادية وفكرية وأكاديمية بالتحديات الاقتصادية والمالية التي تواجه العالم اليوم، بدءا من أزمة المناخ والمياه والطاقة مروراً بالنفط وصولا الى تداعيات أزمة اللجوء السوري وغيره على دول أوروبا.
تمثل هذا الاهتمام بأن خصصت الجلسة الافتتاحية للبحث في النظام الاقتصادي العالمي القائم على مفترق طرق، ومستقبل عمل المصارف المركزية. ولاحظ المنتدون ان الاقتصاد العالمي يعيش في حال من التخبط في ظل التراجع الكبير في معدلات النمو، وخصوصا في الصين، فضلا عن التباطؤ الحاصل في أوروبا والمشاكل الناجمة عن الصراع في الشرق الاوسط وأزمة اللاجئين. وكان تركيز على الصعوبات التي تواجهها بعض الدول في إرساء السياسات الاقتصادية المناسبة نتيجة غياب الوعي لأهمية الإصلاح وضرورته، وهو ما وضع المصارف المركزية في خط المواجهة الأمامي في الدفاع عن الاقتصاد وتعزيز النمو والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي. وتم تحديد ثلاثة أهداف لسياسات المصارف المركزية تتمثل بالنمو والتوظيف واستقرار الأسعار والأجور والقطاع المالي.
وبدا ان كل الأدوات استعملت للتوصل الى تحقيق هذه الأهداف. ونجحت سياسة الاحتياط الأميركي الفيديرالي في تحديد معدل الفائدة بصفر، مما سمح بالتوصل تدريجا الى الأهداف، إن على صعيد النمو او على صعيد البطالة التي انخفضت الى النصف.
وركز المتحاورون على صعوبة العمل ودقته بالنسبة الى حكام المصارف المركزية، حيث يتحملون مسؤولية سياسية من دون ان يملكوا أي شرعية انتخابية، وهذا غير طبيعي لأن الامر يعود الى الحكومات في تحمل مسؤولياتها كاملة، ولا سميا في ما يتعلق بالسياسات الضريبية والمالية والإصلاحات الهيكلية وتشجيع الاستثمار وجذب الرساميل والعمل على تجاوز الآثار السلبية للأزمة المالية التي انفجرت عام ٢٠٠٨.
وركز النقاش على الدور المهم الذي تؤديه المصارف المركزية والذي يهمش الى حد ما دور وزارات المال.
وتوقع جان كلود تريشيه، الرئيس السابق للمصرف المركزي الأوروبي، عودة الى الوضع الطبيعي نهاية السنة، إذ كشف عن ان الاحتياط الفيديرالي الأميركي قد يعود بالفوائد الى مستويات أكثر طبيعية نهاية ٢٠١٥ وسنة ٢٠١٦.
وبدا هذا الوضع شبيهاً بما يشهده لبنان، حيث يساند مصرف لبنان الاقتصاد عبر حوافز وقروض ميسرة، في غياب الإصلاحات الهيكلية وعجز المالية العامة.
ودعا المتحاورون الى التنسيق بين كل السياسات لفاعلية أكبر، بخاصة ان الأزمة الاقتصادية كانت طويلة، مما يعوق عودة العافية الى الحلقة الاقتصادية العالمية.
الملف الذي استأثر بحيز مهم من النقاشات تمثل في أزمة اللاجئين التي تقض مضاجع الغرب، ليس بسبب التداعيات الاقتصادية والاجتماعية وإنما أيضاً في شكل أكبر بسبب الارتدادات السياسية، إذ رأى عدد من المحاضرين ان التدفق الهائل للنازحين عزز الأعمال الإرهابية. وفي مداخلته، شدد وزير الخارجية الفرنسي السابق هوبير فيدرين على ضرورة إعادة إرساء ضوابط صارمة على الحدود داخل منطقة “شنغن”، وإنشاء نوع من حرس الحدود، لافتا إلى أن اليونان لم يكن لديها الوسائل الكافية لتشديد الرقابة على تدفق الهجرة غير الشرعية، واقترح إعادة بناء “شنغن” على أساس كيان إقليمي أكثر تماسكا، مشيرا الى ان بعض السياسيين بلغوا حد المطالبة بالإبقاء على”شنغن” محدودة لعدد محدود من البلدان”، مستثنياً بلهجة ساخرة، فرنسا ودول الفرنكوفونية.
وعبر عضو المنتدى رياض تابت، الذي أبرز في أكثر من مداخلة وجهة نظر لبنان من المسائل المطروحة، عن أسفه لتصنيف الاوروبيين أزمة اللاجئين بانها مشكلة أوروبية حصرا. وقال: “المشكلة ليست أوروبية، وعلينا أن نعالجها من المصدر. ففي لبنان أكثر من 1,5 مليون لاجئ سوري، عدا عن مليونين في تركيا والأردن. ساعدوا الدول المضيفة على التعامل مع هذه المشكلة لمنع اللاجئين من التدفق الى أوروبا”.
ورد تابت على اتهام لبنان بتزوير جوازات سفر للاجئين، مذكرا بأن الارهابيين الذين ضبطوا في فرنسا يحملون جوازات اوروبية، وبالتالي ليسوا في حاجة الى جوازات مزورة!

sabine.oueiss@annahar.com.lb