« النهار » في منتدى الحوكمة العالمية في مونترو: الإرهاب حضر بقلق من دون آليات لمواجهته

24.11.15

An Nahar

جانب من جلسات المنتدى حول الشرق الاوسط.

لم يخفف هدوء مدينة مونترو الساكنة على ضفاف بحيرة ليمان السويسرية، منسوب الهواجس التي تشغل الغرب من جراء خطر الارهاب الجهادي والذي تعاظم بعد هجمات باريس الأخيرة. فشكل هذا الموضوع، إلى ملف اللجوء والتحديات الاقتصادية والمالية أبرز محاور جلسات منتدى الحوكمة العالمية الذي انعقد في طبعته الثامنة في فندق « مونترو بالاس » بتنظيم من مؤتمر السياسة الدولية، « world Policy Conference ».

أكثر من ٤٠٠ شخصية سياسية وإقتصادية وفكرية وأكاديمية، التقت مدى ثلاثة أيام لتبادل الأفكار حول التحديات التي تشغل العالم اليوم، والتي اختار رئيس المؤتمر تييري دو منبريال ان يضعها في شقين: الجيوسياسي والجيو إقتصادي، حيث الأعمدة الاقتصادية التي تستعملها الدول لغايات جيوسياسية.
وعليه، يضع دو منبريال ما يشهده الشرق الاوسط في هذا السياق، مستشهدا بقول إيكليزياستي أن « لا جديد تحت الشمس، ولا جديد بالتالي حيال مسألة التعايش بين الحضارة والبربرية ». فالتعايش السلمي بين الطوائف، والذي أسهب رئيس وزراء بينين في عرض تجربة بلاده مع التعدد الطائفي، بات مسألة جيوسياسية. و »التلاعب السياسي الكريه والوحشي بالإسلام عبر قادة « شيطانيين » يتلاعبون بعقيدة الشباب لتحويلهم الى فدائيين، بات خطراً كونياً، وأولى ضحايا هذا المد الإرهابي الذي طال فرنسا ويهدد دولا أخرى هو العالم الإسلامي، وأي دولة في المنطقة لن تخرج منه سالمة إذا استمر ».
ولم يستبعد دو منبريال ان يسهم الاتفاق النووي في قلب هذا المنحى، لكن الامر يتطلب في رأيه، الكثير من الجهود بين القوى الإقليمية والدولية الكبرى المعنية مباشرة.
لم تكن إليزابيت غيغو، رئيسة لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الفرنسي، بعيدة من هذه القراءة، إذ دعت في محاضرة عن مستقبل الشرق الاوسط الى ضرورة  » العمل معاً لأن مستقبل أوروبا وأفريقيا والشرق الاوسط مترابط بالجغرافيا والتاريخ والقيم والعلاقات الإنسانية ». وإذ سألت كيف نتحرك معاً؟ دعت الى استراتيجية موحدة لإحتواء تنظيم  » داعش » وإسقاطه، مشترطة وجود كل اللاعبين بمن فيهم روسيا والولايات المتحدة الأميركية. ورأت ان الحل العسكري ليس كافياً، بل ثمة حاجة الى عمل سياسي، منوهة بنتائج اجتماعات فيينا التي ويا للأسف لم تتظهر كفاية نتيجة هجمات باريس ». وقالت ان مواجهة  » داعش » يجب ان تتم عبر تجفيف منابعه ( البترول والتهريب).
عن إيران والشرق الاوسط، تلا نائب وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان محاضرة مكتوبة لم تخل من الرسائل الايرانية التي تحدد السياسة الايرانية العامة، لكنه قدم مقاربة أكثر واقعية عندما تحدث عن « مرحلة انتقالية من النظرة القديمة للأمن الى النظام الجديد تتطلب سياسة أمنية جديدة »، مشيرا الى ان تنظيم  » داعش » يمثل الخطر الذي يتهدد العالم، معربا عن تخوفه من ان « تتحول التنظيمات الإرهابية الى حكومات إرهابية، لان الارهاب يستغل العالم والدين »، وأكد ان لا علاقة  بين الدين والإرهاب، وان الرد يكون بالوسائل العسكرية وبالانماء الاقتصادي والاجتماعي ومحاربة الفقر ايضاً. والتعاون الدولي مطلوب لتحقيق ذلك ».
وقال إنه بعد توقيع الاتفاق النووي، « حان الوقت للمطالبة بتجريد إسرائيل من السلاح »، لافتا الى ان « الحلول العسكرية تزيد التطرف »، وداعيا الى تجفيف مصادر التمويل لأنها تؤدي إلى التسلح ». وأعرب عن اهتمام إيران بأمن جيرانها، آملا ان « يوافقوا على الحوار والحل السياسي ». وقال ان « على السعودية ألا تضع امن سوريا والعراق وليبيا في خطر من أجل حماية أمنها ». ورأى ان « تقطيع أوصال إيران سيثير الفوضى في المنطقة ».
وعن السؤال الاساسي لرئيس المؤتمر تييري دو منبريال عن أزمة الثقة بين إيران والغرب وكيفية إعادتها قال اللهيان انه « مقابل جهود إيران لإحلال الاستقرار ومواجهة الارهاب، لم تتخذ أي من السعودية او قطر او تركيا أي إجراء لمحاربة « داعش »، والبعض دعم مجموعات إرهابية لمحاربة الرئيس بشار الاسد كما دعم السنة في إيران، وان المملكة تستعمل القوة لمعالجة أزمات المنطقة. ولو عملنا معا لنجحنا في محاربة الارهاب، ولكن بعض الدول اتخذ قرارا خاطئاً بمحاربة الاسد، والوضع الحالي هو نتيجة أخطاء استراتيجية اقترفتها بعض القوى الاقليمية والدولية »، مشيرا إلى أن « الارهاب يسعى إلى ضرب العالم كله. ففي سوريا اوفدنا مستشارين، في حين أن حزب الله وفر الامن على الحدود بالتعاون مع الحكومة المركزية ».
وسجل اللهيان مأخذا على الدول الاوروبية أنها لم تتحدث الا عن « داعش » في حين أن « داعش » ليس التنظيم الارهابي الوحيد، كاشفا عن اكثر من 40 تنظيماً ارهابياً. ودعا الى « عمل سياسي وميداني مشترك، والا وسينتشر هؤلاء في اوروبا وروسيا ». وأكد عضو الاكاديمية الروسية للعلوم فيتالي نومكين هذا الواقع عندما تحدث عن 2500 جهادي روسي مع « داعش » ونحو 4000 قادمين من آسيا الوسطى، منبهاً إلى صعوبة التوصل إلى رؤية مشتركة حول هوية  » الزمرة الارهابية » التي تواجه العالم ومشيرا إلى ان لدى روسيا وفرنسا هذه الرؤية، فيما تتعارض لدى الامارات العربية مثلا التي ترى الارهاب في حزب الله، او مصر التي تراه في الاخوان المسلمين!
من جهته، اعلن وزير الخارجية القطري خالد بن محمد العطية ان موقف بلاده حيال سوريا لم يتبدل، وهو يصر على تلازم مساري محاربة  » داعش » وتغيير النظام ولو بشكل تدريجي. وهو مقتنع بأن لا تقسيم لسوريا او العراق وان الأمور والمناقشات مع روسيا مستمرة للتوصل الى قواسم مشتركة، مصراً على ان تتولى الحكومة التي ستنشأ كامل صلاحيات الرئاسة، وانه متأكد من ان « الشعب السوري نفسه لا يمكن ان يقبل بالعودة الى الوراء  »
وشدد على ان كل الدول مصرة على محاربة  » داعش » ، وهذا لن يمنع بتاتاً ان يعمل على بناء السلطة السياسية البديلة في سوريا ».

sabine.oueiss@annahar.com.lb