عمر نجيب: صراع القوى الإقليمية والدولية في سوريا يهدد بسايكس-بيكو جديدة… بدون حل القصية الفلسطينية لا سلام ولا استقرار في الشرق الأوسط

12.17.2024

عمر نجيب: صراع القوى الإقليمية والدولية في سوريا يهدد بسايكس-بيكو جديدة… بدون حل القصية الفلسطينية لا سلام ولا استقرار في الشرق الأوسط

 دخلت منطقة الشرق الأوسط المركز في مرحلة انتقال وتحول سياسي وإستراتيجي جديدة مع سقوط دمشق تحت سيطرة مجموعة من القوى المسلحة تحت قيادة جبهة تحرير الشام التي يتزعمها أحمد الشرع “محمد الجولاني”، مرحلة مكملة ومترابطة بأشكال متشابه حينا ومختلفة حينا آخر مع ما حدث بعد احتلال الولايات المتحدة للعراق سنة 2003 وتدخل حلف الناتو في ليبيا في مارس 2011، والحرب في اليمن في مارس 2015، والصراع المسلح في السودان المتعدد الأقطاب محليا ودوليا في أبريل 2023. هذا التحول قلب إلى حد ما التوازنات التي تشكلت من وفي الصراعات العسكرية والسياسية بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023.

 بعض المحللين الغربيين ومنهم من تقلدوا مناصب مسؤولية عليا سواء في الأجهزة الأمنية والسياسية في واشنطن ولندن يشيرون إلى أن نجاح تل أبيب بالتعاون الفعلي مع حلفائها الغربيين في قتل حسن نصرالله زعيم حزب الله وجزء أساسي من قيادات التنظيم في 27 سبتمبر 2024 في بيروت شكل شرارة تسريع التحول الذي قاد إلى التطورات التي يمكن أن تنفع تل أبيب مرحليا وفي نفس الوقت قد تشكل سيفا ذو حدين.

 من الناحية الإستراتيجية شكل التحول في سوريا خسارة لموسكو وطهران، ولحزب الله في لبنان إذا قطع ساسة دمشق الجدد خط تسليحه عبر سوريا، إسرائيل كسبت واستطاعت احتلال الجزء الذي استعاده الجيش السوري من هضبة الجولان في حرب أكتوبر 1973 وزادت عليه جبل الشيخ والقنيطرة وأصبحت قواتها على بعد 25 كيلومتر من دمشق، كما دمرت ما بين 75 و 80 في المئة من أسلحة الجيش السوري بحيث صعبت مهمة قادة سوريا الجدد في بناء قوة عسكرية قادرة على القيام بجهد لاستعادة أراض محتلة أو تأمين الاستقرار والأمن الداخلي.

 تركيا ساندت مختلف القوى المسلحة التي انطلقت من إدلب للسيطرة على حلب وصولا إلى دمشق، وفي هذه العملية تشاركت في العملية العسكرية مع أوكرانيا التي قدم عسكريوها السند للفصائل المسلحة بالطائرات المسيرة ومختلف أساليب الحرب الالكترونية كأسلوب انتقام من موسكو، وهي بذلك وجهت ضربة لعلاقتها مع الكرملين. أنقرة بدعمها للقوى الجديدة المسيطرة حاليا على دمشق ونجاحها في اسقاط الأسد وسعت نطاق نفوذها الذي يتقدم شرقا في الجمهوريات الإسلامية وسط جنوب آسيا التي كانت جزء من الاتحاد السوفيتي حتى انهياره في العقد الأخير من القرن العشرين، وكذلك غربا وجنوبا الذي يمتد من القرن الأفريقي حتى ليبيا.

 المشكلة التي تواجه أنقرة وهي توسع نطاق نفوذها شرقا وغربا، هي فرضية اصطدامها بالمشروع الأمريكي الغربي لإقامة دولة كردية تضم أراض من إيران شرقا عبر العراق وسوريا وتركيا غربا مع العلم أن تركيا تضم أكبر مجموعة كردية بين الأقطار الثلاثة السابق ذكرها بما يصل إلى 14 مليون نسمة وجيشها يقاتل منذ حوالي أربعة عقود حركة الانفصال الكردية.

 خصوم ساسة تركيا الحاليين، يتهمون الرئيس التركي أردوغان وحزبه العدالة والتنمية بأنهم يريدون إحياء الدولة العثمانية التي خسرت سيطرتها على مساحات ضخمة من الشرق الأوسط بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى.

 ولتعزيز هذه المقولة يشار إلى ما قاله أردوغان خلال خطابه في المؤتمر الإقليمي الثامن لحزب العدالة والتنمية بولاية سكاريا يوم 13 ديسمبر 2024: “هذا الشعب التركي أنصار، والسوريون مهاجرون. لن نقوم بطردهم من هذا البلد أبدا، وسنظل ندعمهم”.

وهاجم إردوغان التساؤلات المتعلقة بوجود تركيا في سوريا، معتبرا أنها تنم عن “جهل بالتاريخ أو تعصب أيديولوجي”، حسب تعبيره.

وقال إردوغان: “لو كانت نتائج الحرب العالمية الأولى مختلفة، لكانت مدن مثل الرقة وحلب وإدلب ودمشق جزءا من وطننا تماما كمدن عنتاب وأورفة وهاتاي”.

وأضاف الرئيس التركي، “بدأ السوريون الذين لديهم منازل أو عائلات هناك بالعودة تدريجيا، وسنعمل بإذن الله على تطهير ما تبقى من الأراضي السورية من التنظيمات الإرهابية”، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردي. المسألة الأخرى الشائكة ماذا عن موقف أنقرة من التوسع الإسرائيلي في سوريا ومساندتها للإنفصاليين الأكراد.

 عربيا أيدت غالبية الحكومات العربية خيارات الشعب السوري. ولكن الأطراف التي كانت لها أدوار في الصراع بفضل قدراتها المالية وتأثيراتها على الفصائل المسلحة، كانت لها أراء مختلفة ففيما تحمست قطر لمساندة حكام دمشق تمسكت أطراف أخرى بالحذر.

 أعرب أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي عن قلق أبو ظبي إزاء الانتماء الإسلامي للفصائل السورية المسلحة التي أسقطت نظام بشار الأسد.

 وقال أنور قرقاش خلال كلمة في “مؤتمر السياسات العالمية” في أبوظبي: “نسمع تصريحات معقولة وعقلانية حول الوحدة وعدم فرض نظام على جميع السوريين”. وأضاف “لكن من ناحية أخرى أعتقد أن طبيعة القوى الجديدة وارتباطها بالإخوان وبالقاعدة، كلها مؤشرات مقلقة للغاية”.

وأضاف المستشار الدبلوماسي “يتعين علينا أن نكون متفائلين من ناحية وأن نساعد السوريين في المهمة الصعبة اليوم، وفي الوقت نفسه لا يمكننا تجاهل أن المنطقة شهدت حلقات مشابهة سابقا لذا يتعين علينا أن نكون حذرين”.

في القاهرة علق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد 15 ديسمبر، على تطورات الأوضاع في سوريا بالقول إن “أصحاب البلد” هم من يتخذون القرارات في الوقت الحالي و”إما أن يهدموها أو يبنوها”، وذلك في وقت أعلنت فيه مصر في بيانات سابقة أنها تدعم عملية سياسة تحافظ على وحدة واستقرار وسيادة سوريا.

 في القدس المحتلة صرح وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس يوم الأحد 15 ديسمبر 2024، إن التهديدات في سوريا تتزايد رغم الصورة “المعتدلة” التي يقدمها القادة حاليا عن أنفسهم.

  وأضاف: “لم تختف المخاطر المباشرة على البلاد، والتطورات الأخيرة في سوريا تزيد من حدة التهديد، على الرغم من الواجهة المعتدلة التي يدعي قادة المتمردين أنهم يقدمونها”.

وفي هذا الصدد دعا إلى الهدوء والحذر من الرسالة التصالحية للجولاني، وأضاف: “الرجل جهادي متطرف تابع لتنظيم داعش، ومحاولة تقديم نفسه للغرب على أنه معتدل حقيقي لا أساس لها من الصحة”.

 موازاة مع ذلك صادقت حكومة إسرائيل يوم الأحد 15 ديسمبر 2024 على خطة بقيمة 11 مليون دولار لزيادة عدد مستوطنيها في هضبة الجولان المحتلة إلى المثلين، قائلة إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة.

[…]

Read full article on Raialyoum.