«مؤتمر السياسات العالمي» ودعم السلام الإقليمي

12.17.2024
«مؤتمر السياسات العالمي» ودعم السلام الإقليمي

انطلاقاً من مسؤوليتها إزاء بسط الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وسعياً إلى تطوير حوار قادر على بلورة رؤى تسهم في تحسين البيئة الأمنية والسياسية في منطقة الشرق الأوسط، بما لها من أهمية جيوسياسية كبرى، استضافت دولة الإمارات، من 13 إلى 15 ديسمبر الجاري، «مؤتمر السياسات العالمي» في دورته السابعة عشرة، حيث تناول عدداً من أبرز القضايا التي تُسهم في رسم مستقبل العالم، وركز بصورة رئيسة على التحديات التي تمر بها المنطقة العربية والشرق الأوسط.
وفي إطار من الوعي بالتحديات القائمة، ناقشت الجلسات وورش العمل والحلقات النقاشية التي شملها المؤتمر، حزمة من القضايا الرئيسة التي يشهدها النظام الدولي خلال المرحلة الحالية، وتؤثر في تشكيل مستقبل المنطقة والعالم، ومن أبرز تلك القضايا: مستقبل أوروبا بعد حرب أوكرانيا، وانعكاسات انتخاب ترامب، والإدارة الاقتصادية العالمية في عالم مجزّأ، والحرب والسلام في الشرق الأوسط، وقضية العولمة، والجغرافيا السياسية لتغير المناخ، والنمو الاقتصادي والتحديات الجيوسياسية في آسيا، وثورة الذكاء الاصطناعي، وتوسع «بريكس».
وقد أكدت نورة بنت محمد الكعبي، وزيرة دولة، خلال كلمتها في افتتاح المؤتمر، أهمية التعاون الدولي في مواجهة التحديات القائمة، كما شددت معاليها على التزام دولة الإمارات الحوارَ والدبلوماسية وتعزيز التطور المستدام، ودعت إلى العمل الجماعي لمعالجة الأزمات التي يواجهها العالم، بما في ذلك التوترات الجيوسياسية وتغير المناخ. ومع استضافة دولة الإمارات هذا الحدث المرموق للمرة الرابعة، قالت معالي الكعبي «إن دولة الإمارات تقوم بدورها كشريك في بناء الجسور وترسيخ السلام والازدهار. كما نؤكد التزامنا بتوطيد التعاون وتشجيع الابتكار بناءً على القيم التي توحدنا جميعاً».
وتأتي استضافة دولة الإمارات مؤتمر السياسات العالمي لتؤكد مجدداً تحمُّلَها مسؤولية السعي لترسيخ الجهود العالمية لوقف العنف والتصعيد وتعزيز هذه الجهود، وأولوية إيصال المساعدات للأشخاص المحتاجين إليها، وهو ما يتطلب بالضرورة تقوية العمل الدبلوماسي على الصعيد الدولي ودعم التعاون المشترك على هذا الصعيد.
والحاصل أن «مؤتمر السياسات العالمي» يعد تأكيداً على رسوخ العلاقة بين السلام والأمن، وأهمية تجاوز تبعات الحروب بالمنطقة، وضرورة دعم الحلول الدبلوماسية وجهود الوساطة النوعية الساعية لإعادة ترتيب أسس الأمن الإقليمي والعالمي، بشكل يجنب العالم تعطُّل حركة الاقتصادات، ومن هذا المنطلق ركز المؤتمر على قضية دعم قدرة المجتمعات على الصمود في مواجهة التحديات من أجل تعزيز قدرتها على التنمية.
وفي الواقع، فإن المؤتمر كان فرصة ثمينة لترويج رؤية عالمية تتسق مع مستهدفات وطنية تعطي الأولوية لتسوية الأزمات الإقليمية، والتعامل الفاعل مع التحديات على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، أو على صعيد المتغيرات الجيوسياسية بالمنطقة وعلى المستوى العالمي، بهدف تقديم رؤية تساعد على صياغة أطر لتسوية الأزمات الراهنة.
وتسهم الأفكار التي تم طرحها خلال الفعاليات المختلفة لـ«مؤتمر السياسات العالمي» في طرح مقاربات نوعية لمعالجة تحديات الوضع الراهن، وتعجل بتسوية الأزمات الإقليمية والدولية، وتقدم حلولاً لبعض التحديات الجيوستراتيجية التي تعيق تطورات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يتطلب حزمة من الرؤى التي تحظى بالتكامل البنيوي، وتسهم في طرح مقاربات جديدة تساعد على استعادة الأمن والاستقرار للمنطقة، وتوفر الفرص المناسبة لتحولات نوعية على الصعيد العالمي.
وتنسجم مخرجات «مؤتمر السياسات العالمي»، مع توجهات دولة الإمارات وأولوياتها في إحلال الاستقرار والأمن للسياق الإقليمي، وكذلك المساعي والجهود التي تبذلها الدولة في هذا المجال، وهو ما يرسخ الصورة الذهنية الإيجابية لدولة الإمارات، بعدِّها من المساهمين الرئيسين في إرساء الأمن والسلام الإقليمي، ويدعم صورتها كمسهم وشريك رئيس في تعزيز الأمن العالمي.
كما تتسق الرؤى التي حظيت بالتوافق خلال أيام المؤتمر الثلاثة، مع التأكيد المستمر من جانب دولة الإمارات على محورية الأمن الإنساني، على الصعد الإقليمية والدولية، وسعيها لاستضافة الفعاليات التي تدعم تحقيق هذا الهدف، والانخراط في الجهود الإقليمية والدولية الرامية للحفاظ عليه، وهو ما يعزز من إدراك دورها المهم، شريكاً رئيساً في توطيد أركان الأمن العالمي والإقليمي، وطرفاً فاعلًا في جهود تهيئة البيئة الملائمة لتحقيق تقدم اقتصادي يسهم في الرخاء والازدهار العالمي.

Read article on Al Etihad.